الاحتفال بالذكرى الثامنة لرحيل رائد فن ” القيثارة ” بتارودانت
الراحل عموري مبارك أول فنان أمازيغي يوظف نغمات ” القيثارة ” في الأغنية الأمازيغية التي تعتمد أكثر على آلة لوتار والرباب.
أحيت عائلة ومحبو وأصدقاء، الفنان الراحل عموري مبارك، السبت 18 فبراير، الذكرى الثامنة لوفاة هرم ومجدد الأغنية الامازيغية، الفنان عموري مبارك، والذي توفي يوم 14 من فبراير 2015، بعد مسيرة فنية حافلة بالعطاء.
الحفل بحكم الأحوال الجوية المضطربة، التي شهدها إقليم تارودانت نهاية الأسبوع الماضي ، تم إحياؤه عبر مرحلتين، الأولى وسط مدينة تارودانت، والثانية بمسقط رأس الراحل بدوار مزغالة، الواقع بجماعة آيت مخلوف إإقليم تارودانت،
وبإحدى المنتزهات السياحية بمدينة تارودانت، تم تنظيم ندوة، سلط فيها المتدخلون الضوء، على العديد من الجوانب المتعلقة بحياة الراحل عموري مبارك، من أبرزها حسه الإنساني العالي، وعطاؤه اللامتناهي، وسخاؤه في محبة الآخرين، ووفاؤه لأهل دواره، من خلال حفاظه على علاقاته بهم طيلة أيام حياته، وشذرات من سيرته الذاتية التي أنجبت فنانا عصاميا، شق بحر الكلمة واللحن بنجاح، حيث غنى للأرض والانسانية والحب والتسامح.
وتبقى أهم أغانيه الرائدة، اغنية “جانبيي”، كلمات الشاعر علي صدقي ازايكو، والتي جسد فيها بنمط موسيقي خلق ثورة في الأغنية المغربية الأمازيغية العصرية، قصة انفصال الانسان السوسي عن أرضه، وجبال الأطلس وخضرة المراعي، والهجرة للعمل بمعامل ومصانع جانفيليي ضواحي باريس، حيث الضباب ولون السماء الأسود بالدخان يسطو على المشهد.
كما تضمن برنامج إحياء الذكرى الثامنة للراحل، معرضا للصور الفوتوغرافية التي التقطت العديد منها، حصريا، بعدسة المصور الصحافي إبراهيم فاضل، في مختلف المناسبات الفنية والخاصة.
وتضمن المعرض عشرات الصور التي توثق لمراحل فنية مختلف من مسار الراحل، على غرار مشاركاته في سهرات فنية، وتسجيلات أعماله، ولقاءات مع بعض أصدقائه الفنانين، وصور أخرى توثق لمرحلة الطفولة والدراسة.
من جهته قال عزيز اخنشي ابن اخت الراحل عموري مبارك، بأن هذا الأخير أوصى أن يوارى جثمانه الثرى في مقبرة دوار مزغالة، وسنويا يتم إحياء ذكرى رحيله، وسط دواره، وبين أهله وجيرانه.
الذكرى الثامنة لرحيل أيقونة الفن المغربي الأمازيغي، اختتمت بسهرة فنية كبرى، احتضنها دوار مزغالة، وأحياها مجموعة من الفنانين، من عائلة وأصدقاء المرحوم، وفي مقدمتهم أخوه الفنان هشام ماسين، والفنان محمد أماعي، اللذان أديا مجموعة من أغاني الراحل، رفقة فرقة جوق مؤسسة بيتهوفن بأكادير، والمكونة من أكثر من ثلاثين فنانا وفنانة.
كما شارك في الأمسية الفنية، كل من مجموعة “إيمدوكال”، و الفنان حميد إنرزاف، وحسن العاتي، ومصطفى لارياش، وأحواش المنطقة فيما كانت الشابة زهرة مهبول ” تامكروت ” ابنة الفنان الامازيغي الكبير مبارك امكرود على موعد تاريخي مع الحدث من خلال تقديم فقرات هذه الذكرى.
فخلال هذه الدورة، تم تأسيس مؤسسة عموري مبارك، وحضي أحمد عموري برأسة مكتبها، ويضم 13 شخصا، كلهم من عائلة عموري مبارك، من بينهم إخوانه وأخواته.
الاحتفال السنوي، يتم تنظيمه من طرف عائلة المرحوم، بتعاون مع جمعية ذاكرة الدشيرة ، جمعية ماسين للثقافة والفن، اسني كوم، ومؤسسة بيتهوفن للموسيقى والفنون باكادير، ومؤسسة وين آرت.
وللإشارة فقد ولد الراحل عموري مبارك، الذي حلت ذكرى وفاته الثامنة يوم السبت الماضي ، سنة 1951 بدوار مزغالة، الواقع بجماعة آيت مخلوف عمالة واقليم تارودانت جهة سوس ماسة، و كان الراحل قد عاش حياة قاسية في طفولته حيث توفي والداه وهو في سن صغيرة، فاضطر إلى الافتراق عن إخوته بعد أن عهد به إلى مؤسسة خيرية، وفيها اكتشف موهبته في الغناء والموسيقى والعزف.
بدأ مبارك عموري، الذي اشتغل في صغره راعيا للغنم، مساره الفني، مع مجموعة سوس فايف التي كانت تغني باللغة الفرنسية والإنجليزية والعربية ، قبل أن ينضم في سنوات السبعينات إلى مجموعة أوسمان ” البرق بالعربية ” التي كانت أول مجموعة أمازيغية تدخل عالم المجموعات في المغرب، إلى جانب ناس الغيوان وجيل جيلالة ولمشاهب وتابغاينوست، وشكلت حين تأسيسها ثورة فنية بامتياز، لاعتمادها آلات حديثة مثل القيثارة التي كان عموري أول فنان أمازيغي يوظف نغماتها في الأغنية الأمازيغية التي تعتمد أكثر على آلة لوتار والرباب.
غادر عموري مبارك أوسمان ليشق طريقه منفردا وكان يعشق الفن والغناء بل يتنفسهما، لكنه كان يحب التجديد والتحديث بدل التمسك بتلابيب الماضي والتقليد، وقدم بصمته في مجال الموسيقى الأمازيغية بعد أن أتى بإبداعات جديدة، لذلك لقبه النقاد والمتتبعون والجمهور بالفنان المجدد.
كانت أغانيه تدور حول مواضيع السلام والتعايش والتسامح والمحبة، كما كان ملتزما أيضا بالقضية الأمازيغية التي كانت حاضرة بقوة في أعماله وكان شديد الاهتمام بتراث فن الروايس، مثلما كان شديد الإعجاب بالحاج بلعيد، أيقونة الأغنية الأمازيغية.
كان عموري امبارك فنانا زاهدا في المال والشهرة والأضواء ولم يكن يعير اهتماما لكل ما هو مادي. فالمقربون منه يجمعون أيضا أن الرجل كان إنسانا فريدا في طباعه، وفيا لأصدقائه وأهله الذين أحبوه قيد حياته وظلوا أوفياء لذكراه بعد رحيله، زيادة على أنه كان فنانا متميزا متمردا بفنه والنمط الموسيقي الذي اختاره لنفسه وميزه بين مختلف أبناء جيله من الفنانين الأمازيغ..
كما كان المرحوم مثقفا وقارئا كما يقول ابن أخته هشام ماسين الذي يشتري له الجرائد اليومية وخصوصا الناطقة باللغة الفرنسية واضاف ماسين ان خاله يحب مصادقة الكتاب والأدباء، ومن بينهم ابن ازرو واضوم بتافراوت الأديب محمد خير الدين رحمه الله، الذي كان من بين الكتاب المغاربة المقربين إليه.
الراحل عموري مبارك كان عزيز النفس، وصاحب كبرياء وأنفة، لم يكن يحب أن يطلب مالا أو هدايا أو خدمات لنفسه، بل حتى في فترة مرضه، أبى أن يتعالج على نفقة الدولة، أو أن يتحدث الإعلام عن إصابته بالمرض لإثارة شفقة الجمهور.
اكادير : رضوان بعلي