هاتف يسقط مومسا قاتلة

هاتف يسقط مومسا قاتلة

أجهزت على الضحية قبل سرقته والاختفاء ونباهة الشرطة أفشلت مخططاتها

لم تكن سميحة تفكر في تصفية الرجل الذي تعرفت عليه ورافقته إلى شقة قريبته ونامت في حضنه أكثر من مرة. لكن الحاجة والطمع كانا وراء الإجهاز عليه بعدما ظلت تتحين خلوده إلى النوم.
ورغم محاولة الجانية إتلاف معالم الجريمة بمسح بصماتها وسرقة هاتف الضحية، إلا أن نباهة المحققين أفشلت مناوراتها بعد أن لاحظت فرقة الشرطة القضائية غياب هاتف الهالك، وهو الخيط الناظم الذي تتبعته المصالح الأمنية لفك شفرة اللغز، والتمكن من التوصل إلى هوية المشتبه فيها وإيقافها وإحالتها على المحاكمة، بعد سلوك مسالك وعرة في دروب التحقيق.

نشأت الجانية يتيمة، في كنف أسرة متعددة الأفراد، لم تتمكن من ولوج أي مؤسسة تعليمية لعوز أسرتها، التي توفي معيلها وترك زوجة تدبر أمور بيتها بصعوبة كبيرة. كبرت سميحة في جو أسري متفكك، ووجدت نفسها منذ نعومة أظافرها تعمل في البيوت وانتقلت للعمل في أمور الفلاحة.
في جو تطغى عليه سمات الفقر والعوز والعنف اللفظي والجسدي، وجدت نفسها تنضج يوما عن يوم، دون أن تنتبه لأنوثتها، التي جذبت أنظار الذئاب والكلاب. وفي غفلة منها وقعت فريسة للبعض منها ولم تستطع المقاومة ورضخت للمساومات والإغراءات ووجدت نفسها منساقة مع المد الجارف لتفقد أغلى ما تملك، وتنتقل إلى مرحلة أخرى أشد قسوة من الأولى. لم يرحمها أحد ولم يرق لحالها أحد، بل كان كل من يراها، يرغب في العبث بتضاريس جسمها. استحلت اللعبة في البداية وواصلت ممارستها كلما طرق بابها راغب في اللعب. وظلت تساير هذا وذاك وتلبي رغبات هذا وذاك لكنها في قرارة نفسها لم تكن راضية عن هذا المسار.

احتراف أقدم مهنة
فرضت الظروف الاجتماعية على سميحة البحث عن عمل قار، اشتغلت منظفة في البيوت، والقيام بالسخرة لفائدة نساء الحي ومربية في أحيان أخرى لأطفال الموظفات، لكنها مردودها المالي لم يكن كافيا لتلبية متطلباتها. والتقت بعض الفتيات، واستغلت ريعان شبابها وجمال جسمها وكثرة الطلب عليها، وانغمست في عالم البغاء، أقدم مهنة في الكون. وكانت تشتغل نهارا في تنظيف البيوت وفي المساء، تخرج إلى الشارع للبحث عن زبائن الليل. تعرفت على العديد منهم ورافقتهم إلى أماكن متعددة لممارسة الجنس معهم بمقابل مادي.
وفي سياق عملها المرتبط بالتنظيف، تعرفت على عبد الله، وهو رجل في عقده السادس، ووعدها بتشغيلها في محل مخصص للأكلات الخفيفة. وتطورت علاقتهما وأعجب بها وطلب منها مرافقته إلى الخلاء للاختلاء بها، لكنها رفضت ذلك خوفا من افتضاح أمرهما.
وظل يراقب حركاتها وسكناتها وأعجب بها، فهي لا تزال في أوج ألقها، تسر الناظرين. وتحين فرصة اللقاء بها على انفراد واقترح عليها مرافقته إلى الجديدة لأنه يتوفر على شقة في ملكية قريبته، ووافقته على ذلك. وانتقلت معه إليها وقضت معه الليل هناك. وظل يطلبها كلما اشتاق إليها لقضاء بعض الوقت معه هناك، وكانت تعود من المدينة راضية مرضية.

العثور على الجثة
توصلت الشرطة القضائية بخبر اكتشاف جثة رجل بشقة بالجديدة غارقة في دمائها. انتقلت العناصر الأمنية إلى هناك رفقة الشرطة العلمية والتقنية ورفعت البصمات وعلمت من ابن الهالك، الذي اكتشف جثته، أن الشقة تعرضت للسرقة. واستنفرت الواقعة مختلف المصالح الأمنية من شرطة قضائية وعلمية وتقنية واستعلامات عامة، حيث باشر المحققون تحريات دقيقة وأبحاثا ميدانية بحثا عن خيط رفيع يقود إلى هوية المشتبه فيهم، لكشف ملابسات وخلفيات ارتكابهم فعلهم الجرمي في حق الهالك المسن.

نباهة الشرطة
لم تعاين الشرطة القضائية آثار كسر بباب الشقة أو نوافذه، ولم تجد سبيلا لاكتشاف خيوط الجريمة، ووجدت نفسها في موقف حرج، لكنها انتبهت إلى أن هاتف الهالك غير موجود. ووجهت انتدابات إلى شركات الاتصال الثلاث، من أجل البحث في هوية المتصلين بالهالك.
وتوصلت بنتيجة البحث، الذي أكد أن رقما معينا اتصل به عدة مرات. وكثفت الضابطة القضائية أبحاثها وتحرياتها عن علاقة الرقم بالمتصلين به. واهتدت إلى صاحبته، لكن تبين أنها لا علاقة لها بهذا الرقم. وتم الاهتداء إلى ثلاثة أسماء، كشفوا معرفتهم بصاحبة الرقم، مضيفين أنها امرأة تمتهن الدعارة وتقطن بسيدي بنور.
وصرح الأول أنه تعرف عليها ومارس معها الجنس ثلاث مرات بسيارته الخاصة، فيما صرح الثاني أنه تعرف عليها ورغب في تشغيلها ببيته لكن زوجته رفضتها.

مواجهة واعتراف
انتقلت الضابطة القضائية إلى سيدي بنور وألقت القبض على المتهمة، التي نفت أي علاقة لها بهوية القتيل. وبعد تفتيش منزلها، تم العثور على تلفاز ملفوف في غطاء أحمر وجهاز التحكم فيه، كما عثرت على هاتف مكسر. وبعد مواجهتها بذلك، انهارت واعترفت بأنها هي التي قتلت الهالك وسرقت التلفاز والهاتف المحمول.
وصرحت أثناء الاستماع إليها، أنها تعرفت على الهالك بسيدي بنور ووعدها بتشغيلها بمحله المخصص للأكلات الخفيفة وتبادلا رقمي هاتفيهما. وظل يتصل بها قبل أن يطلب منها الالتحاق به. وعبر لها عن رغبته في ممارسة الجنس معها. وطلب منها مرافقته إلى الجديدة.
ورافقته إلى شقة تقع قرب سوق ممتاز وقضت معه الليلة وظلت تتردد عليه كلما رغب في ذلك. وأكدت أنه قبل يوم الحادث اتصل بها عدة مرات ولم تجبه لأنها كانت في حاجة إلى المال. وبعد تكرار الاتصال بها، ردت عليه وطلب منها مرافقته إلى الجديدة، وانتقلا إلى الشقة نفسها، بعدما اقتنى وجبة العشاء.
وهيأت الفراش أمام التلفاز وتمددت إلى جانبه ومارس معها الجنس ثلاث مرات متفرقة. ونظرا لحاجتها إلى النقود فكرت في سرقته. ولما نام بجانبها من شدة الإرهاق، فكرت في التخلص منه. وتوجهت إلى الحمام ونزعت غطاء خزان الماء الخزفي الخاص بكرسي المرحاض، وعادت نحوه. ولما تأكدت من استغراقه في النوم، هوت على رأسه بضربة بكلتا يديها وواصلت الضرب، فحاول مقاومتها لكنه لم يتمكن أمام توالي الضربات. وجلست إلى جانبه. ولما تأكدت من وفاته، غسلت يديها ونظفت الغطاء الخزفي وأعادته إلى مكانه ونظفت المكان من آثار البصمات. وبحثت في جيوب الهالك، فلم تجد سوى 60 درهما واستولت على هاتفه المحمول وجهاز التلفاز ونامت حتى الصباح، لتغادر الشقة محتفظة بمفاتيحها، التي تخلصت منها ببالوعة بسيدي بنور.

أحمد ذو الرشاد (الجديدة)جريدة الصباح

admin

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *