الوزير وهبي ..هناك مساع لعرقلة إصلاح القوانين المتعلقة بمدونة الأسرة والحريات الفردية
قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن هناك مساع لتحريف كلام الملك لمحاولة عرقلة إصلاح القوانين المتعلقة بمدونة الأسرة والحريات الفردية، وذلك “لأهداف سياسية ومكاسب صغيرة حسب قوله”.
وجاء ذلك في محاضرة نظمتها الثلاثاء، مؤسسة الفقيه التطواني تحت عنوان “”لا أحل ما حرم الله ولا أحرم ما أحل الله”: بين الدلالة الشرعية والتوظيف الإيديولوجي”، حيث اعتبر وهبي أن هناك من يحمل هذا الشعار كحق يراد به باطل لوقف كل مساعي تحقيق الحرية والعدل والمساواة بين المواطنات والمواطنين، ورفع الظلم والحيف عن كل فئات المجتمع، والمساهمة في بناء دولة عصرية قوية.
وأكد وهبي حرصه على توسيع النقاش والتداول حول أهم قضايا وإشكاليات الحريات الفردية والجماعية ببلدنا، وقضايا الأسرة وقوانينها في صلتها بثوابت الأمة المغربية ومقومات شخصيتها الحضارية المتعددة الأصول والروافد. مشددا على ضرورة المراعاة والوعي بمقتضيات الواقع ومتغيراته، وما يفرضه من تحديات وإكراهات، لما فيه تحقيق الصالح العام، والمحافظة على السلم المدني والاجتماعي، وَالإِعْلاَءِ من قيم الحرية والعدالة والتقدم، في توازن يراعي الخصوصية التاريخية والحضارية، والتعاقد الشرعي والمدني بين الدولة ومواطنيها.
وأشار وهبي إلى أن الملك في خطابه بمناسبة عيد العرش لسنة 2022 واضح في أن أي عملية إصلاح أو تعديل تشريعي متعلق بالأسرة لا يمكن أن تتعارض مع هوية الدولة وثوابتها الدينية، وهو ما عبر عنه بالقول: “لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”.
وأضاف وهبي بأنه وبالرغم من ذلك فقد “تم توظيف هذه المقولة المعبرة عن الالتزام بمبدأ الشرعية؛ توظيفات حرفتها عن روحها ومقاصدها ووظيفتها الأسمى في تأطير الاختلاف، ورفع الخلاف، تحقيقا لوحدة الأمة بمختلف مكوناتها؛ كفالة لحقوق أفرادها وضمانا لحرياتهم وكرامتهم”.
واعتبر وهبي أن الاحترام الواجب للملك “يقتضي منا كسياسيين، أو كمفكرين وحقوقيين، أو كفاعلين مدنيين وغيرهم، ألا نتعامل مع خطبه وتوجيهاته بنوع من الانتقائية السياسية، أو لتصفية حسابات سياسوية أو فكرية صغيرة”، وأضاف بأن الملك يخاطب الأمة بصفته أميرا للمؤمنين، وبذلك فخطبه وتوجيهاته تكمل بعضها البعض، وتسعى نحو الأفق والمطلق، وليس إلى الجزئيات؛ كما أن لخطب الملوك دلالات كلية لما يأمرون به، لذلك لا تقحم خطبهم وتوجيهاتهم ضمن تلك المنازعات الضيقة التي يسعى إليها الذين لا تهمهم سوى المكاسب السياسية الصغيرة”، يقول وهبي.
وشدد وهبي على أن الإجماع حول الملك يقتضي (منا) كثيرا من الاحترام والتواضع، والترفع عن التوظيف والاستغلال المقيت لبعض الكلمات لتحقيق انتصارات وهمية، لأن الإجماع الذي حول جلالته يجعل المغاربة يتفهمون مقاصده وأهدافه ولا يمكن أن يزايد عليهم أو يغلطهم أي كان.
ودافع عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، عن موقفه من إصلاح مدونة الأسرة والقانون الجنائي فيما يتعلق بالشرع الإسلامي، مؤكدا أن هناك إمكانية كبيرة للتجديد من داخل المرجعية الإسلامية.
وجاء ذلك في محاضرة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، الثلاثاء، تحت عنوان “”لا أحل ما حرم الله ولا أحرم ما أحل الله”: بين الدلالة الشرعية والتوظيف الإيديولوجي”.
وأكد وهبي أن قول الملك: “لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله” يؤكد صَلَاحِياتِهِ الدستوريةَ كسلطة تحكيميّةٍ شرعية عليا تَدْرَأُ الخلاف بين مكونات الأمة”. مشددا على أن التحكيم لا يكون بَدَاهَةً إلا بالتوفيق والتشاور والاجتهاد سعيا لما فيه المصلحة: أينما كانت المصلحة فثم شرع الله”.
وقال إن سعيه لإجراء أَيِّ إِصْلاَحٍ أو أَيِّ تَجْدِيدٍ في مجال منظومة الحقوق والحريات في بعدها الفردي والجماعي، إنما يأتي ليتم تحقيقه فِي إِطَارٍ من الاحترامِ التام والتوفيق المسؤول بين مختلف الثوابت الدستورية للمملكة، وكذا بين مختلف المرجعيات.
وشدد وهبي على وجود مؤسسة إمارة المؤمنين للتحكيم والفصل النهائي في حالة الاختلاف، ليكون رأيها النهائي المُلْزِمِ في كل ما يتصل بالمرجعية الدينية للأمة تحقيقا لمقاصد الدين الكُلِّيَةِ وَاسْتِلْهَامًا لروحه في الحرية والكرامة والعدل والمساواة بين الناس.
كما سجل وهبي، أن مساعي الإصلاح تستند أيضا على مقاصد الشريعة كمدخل أول لأي عملية تجديد واجتهاد، بالنظر إلى ما يعرفه العالم من تطورات سريعة ومقتضيات وتحديات وإراهاصات متواصلة، تستلزم التجاوب معها بفعالية وإيجابية.
وأكد وهبي أن مقاصد الشريعة تعني جلب المصلحة ودرء المفسدة، وتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها.
كما أكد وهبي على أنه يستند في الإصلاح المرجو إلى كون الدين منظومة قيم إنسانية كونية صالحة لكل زمان ومكان، ما يقتضي إدراك الواقع بكل تعقيداته، وتركيبه، والاستعانة بأهل الاختصاص في معرفة تطور الحالة الاجتماعية، ورصد التحولات السوسيو ثقافية، مشيرا إلى أن ذلك ما عبر عنه الملك في أحد خطبه بهذا الخصوص حول “التشاور والتحاور، وإشراك جميع الفعاليات والمؤسسات المعنية”.