ارتماء تبون في أحضان الدب الروسي
يبدو أن النظام العسكري الجزائري غير مدرك تماما لنتائج ما أقدم عليه من خلال إرسال رئيسه تبون إلى موسكو، في خضم وضع إقليمي ودولي متوتر، عنوانه الحرب الروسية الأوكرانية، التي استنفذت قدرات واحتياطات الدب الروسي سواء على المستوى الاقتصادي أو القدرات العسكرية.
فزيارة عبد المجيد تبون إلى روسيا، ستكون لها انعكاسات وخيمة على الجارة الشرقية، خاصة بعد الكلمة الكارثية التي ألقاها تبون في حضرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي استجدى من خلالها الحماية الروسية لضمان استمرار الطغمة العسكرية، وكذا مصالحها ومصالح موسكو في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء.
ولعل أول الغاضبين من زيارة تبون إلى موسكو، ستكون باريس، التي تعتبر الجزائر حديقة خلفية لها ولن تتوانى في خلق قلاقل لنظام العسكر الذي ظل تحت الحماية الفرنسية منذ عقود، حيث ستبادر فرنسا إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد الطغمة العسكرية، وذلك للحفاظ على مصالحها سواء داخل مقاطعتها السابقة بشمال إفريقيا، او في منطقة الساحل والصحراء.
كما أن واشنطن، لن تقبل أبدا بهذا الارتماء في حضن الدب الروسي خاصة في هذه الظرفية، التي تعيش فيها موسكو حصارا على كل الجبهات، وجعلها تستغل كل الفرص للظهور بمظهر القوي غير المتأثر بتداعيات العقوبات المفروضة عليها من طرف الغرب، وكذا التطور الحاصل على مستوى المعارك التي باتت موسكو وباقي الأراضي في العمق الروسي، مسرحا لها في الفترة الأخيرة.
وعلاقة بموضوع زيارة تبون الى موسكو، كتب يونس دافقير، صحافي ومحلل سياسي على صفحته في الفايسبوك، حول خطاب تبون أمام الرئيس الروسي،” أضر بمصالح الدولة الجزائرية، وهو يعلن موقفا قطعيا بأن الجزائر لم تعد ترغب في التعامل بالدولار، منذ هذه اللحظة تصبح الجزائر خصما مباشرا لأمريكا، لما تتحدث الإمارات والسعودية عن الانضمام لمجموعة “بريكس” الروسية الصينية، تقول ذلك بلغة ” تنويع الشراكات والشركاء”.
وأضاف دافقير: تبون “أهان الشعب الجزائري وهو يصرح أن روسيا هي من يصون استقلال الجزائر. لو قال إنها تساعد على حماية الحدود، أو رفع جاهزية الجيش لكان الأمر مفهوما. لكن حماية الاستقلال مسألة أخرى يختص بها الشعب وقواته الوطنية. هذا الرجل لا يعرف ما يقوله.”
موضحا في تدوينته، تبون “يكشف عن أسرار دبلوماسية تفيد أن روسيا هي من أوصلت الجزائر إلى مجلس الأمن، هذا يضعف موقف العضوية الجزائرية في المجلس، لأنها ستبقى دائما صوتا روسيا، وهذا مأزق وضع فيه تبون ديبلوماسية بلده كما اقتصاده في وضع صعب.”
ويرى محمد نجيب كومينة، كاتب وصحافي، أن “ما نطق به تبون أمام بوتين تجاوز الحمق، فقد ظهر أن الرجل “الشيات” بلا شخصية أمام الرئيس الروسي، وقال كلاما يستحيل أن يقوله رئيس دولة ميكروسكوبية في حضرة رئيس دولة أخرى، اذ ربط استقلال وأمن وحرية الجزائر ببوتين وروسيا، بعبارات يتخلى فيها عن سيادة بلده، وهذا هو الأسوأ والأكثر تعبيرا عن الغباء المطلق”.
وأضاف كومينة على صفحته في الفايسبوك : “وزاد تبون على ذلك، بأن وضع الجزائر في وضع اصطفاف صريح مع روسيا ضد أمريكا وأوروبا ومن يحالفهما، وزاد أيضا، والزيادة من رأس الأحمق، بان طلب الإسراع بإلحاق الجزائر بمجموعة “البريكس”، رغم عدم توفرها على اي شرط من الشروط المتوفرة في دول هذه المجموعة، مدعيا أن ذلك سيمكن الجزائر من التخلي عن الدولار والأورو، أي انه سيمكنه من نشر المزيد من الخراب الاقتصادي في الجزائر و المزيد من الطوابير، مادام معروفا أن سوق البترول العالمية تعتمد الدولار كعملة للتداولات والمعاملات وان أوروبا، صاحبة عملة الاورو، هي الزبون الأول للغاز الجزائري، هذا بينما لا تمثل روسيا شريكا اقتصاديا رئيسيا للجزائر، إذ أن شركاء الروس الأكثر أهمية في إفريقيا هما مصر والمغرب، بينما الجزائر تقتصر العلاقات معها على شراء السلاح”ّ.
من جهته، يرى محمد الطيار، خبير أمني وعسكري، أن “روسيا ستكون المستفيد الوحيد من زيارة تبون، بحكم حاجتها إلى مبالغ الصفقات العسكرية لتمويل حربها مع أوكرانيا، دون أن ننسى أن هذه الزيارة ستكون لها بالتأكيد انعكاسات كبيرة على الجزائر، في الوقت الذي تحاول فيه الدول الغربية قطع مصادر تمويل روسيا لحربها في أوكرانيا، وقد يقود ذلك إلى عقوبات غربية ضدها”.
وأضاف الطيار في تصريح صحافي، أن “موسكو بعد توقيع الاتفاق مع الجزائر، ستكون هذه الاخيرة مجبرة على السماح لروسيا باستخدام أراضيها في محاولتها للتغلغل في منطقة الساحل الإفريقي من جهة أخرى، وهو ما سيجلب بالتأكيد على النظام الجزائري عداء الدول الغربية وسيعمق من عزلته الإقليمية والدولية”.