الدكتور علي الزبيدي … الاتجار بالبشر مشكلة معقدة ومتعددة الأوجه تنطوي على استغلال البشر لتحقيق الربح
الاتجار بالبشر جريمة ونشاط اقتصادي غير مشروع ارتبط باستغلال الأشخاص ماديا ومعنويا، ويشمل الرجال والنساء والأطفال على حد سواء، ويقع ضحايا الاتجار بالأشخاص تحت رحمة تجار البشر والعصابات المنظمة التي تستعمل الخطف أو القسر أو الاستدراج لممارسة أشكال مهينة من الأعمال لمصلحة المتاجرين بهم. وتتخفى معظم العمليات المرتبطة بالاتجار بالأشخاص أو البشر تحت ستار أنشطة مشروعة يصعب اكتشافها أو تتبع تحركاتها آو ضبط المتعاملين فيها كوكالات الأسفار أو التشغيل أو مراكز التجميل أو ممارسة الرياضة وغيرها من الخدمات .
ولتقريب الفكرة من الأذهان نجد أن البروتوكول الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال لسنة 2000 المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 1951 قد عرف الاتجار بالبشر بكونه تجنيد الأشخاص أو نقلهم أو تنقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو باستعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال ..
وبدأ الحديث عن جرائم الاتجار بالبشر في المغرب منذ سنوات طويلة، ولاسيما مع نهاية التسعينيات من القرن الماضي، والتي عرفت تنامي الهجرة السرية إلى أوربا، وما ارتبط بها من استغلال خطير لظروف المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء بصفة خاصة .
أما الاهتمام الرسمي والقانوني بالموضوع فتعود بوادره إلى سنوات خلت، ويتجلى ذلك في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع التي صادق عليها المغرب، بحيث عمل المغرب على الانخراط في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر حيث قام بالمصادقة على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التالية:
– اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000، والتي صادق عليها المغرب في 13 سبتمبر2002.
– البروتوكول الإجباري للاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة لسنة 2000 ، والتي صادق عليها المغرب في 22 ماي 2002.
– اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير لسنة 1943، والتي صادق عليها المغرب في 17 غشت 1973.
– الاتفاقية الخاصة بالرق لسنة 1926، والتي انضم إليها المغرب ووضع صكوك قبولها في 11 مايو1959.
– اتفاقية حماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لسنة1991، والتي صادق عليها المغرب في 21 يونيو1993.
– الاتفاقية المتعلقة بوضعية اللاجئين لسنة 1951، والتي صادق عليها المغرب في 7 نونبر1956.
– اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 والتي صادق عليها المغرب في 21 يونيو1993.
– اتفاقية منع كل أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979، والتي صادق عليها المغرب في 21 يونيو 1993.
– اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 29 حول العمل القسري لسنة 1930، والتي صادق عليها المغرب في ماي 1957.
– اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 105 حول إلغاء العمل القسري لسنة 1957، والتي صادق عليها المغرب في فاتح دجنبر 1966.
– اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 حول أسوأ أشكال عمل الأطفال لسنة 1999، والتي صادق عليها المغرب في 26 يناير2001.
في حوار صرح الدكتور علي الزبيدي أن إشكالية الاتجار بالبشر مشكلة معقدة ومتعددة الأوجه تنطوي على استغلال البشر لتحقيق الربح في جميع المناطق. الأسباب الرئيسية للاتجار بالبشر هي الفقر، ونقص التعليم، والصراعات المسلحة، والكوارث الطبيعية، والتمييز، وعدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية. وغالباً ما يكون ضحايا الاتجار بالبشر من النساء والفتيات والأطفال.
مبينا ان الحكومة المغربية تستخدم إطارا مختلطا عند معالجة القضايا المتعلقة بالاتجار بالبشر بين متهو أمني و بين ماهو متعلق بحقوق الإنسان والدبلوماسية والتعاون مع المنظمات الدولية.
حيث نفذ المغرب تدابير مختلفة لمكافحة هذه القضايا، مثل تعزيز أمن الحدود، وتعزيز جهود إنفاذ القانون، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي. بالاضافة إلى اتخاذ خطوات لحماية حقوق المهاجرين، ومساعدة المهاجرين المستضعفين من خلال إطلاق حملتين أدت إلى تسوية أوضاع 50000 مهاجر غير نظامي.
ويلتزم المغرب بمكافحة الاتجار بالبشر من خلال تطبيق القوانين الجاري بها العمل دوليا حيث اعتمد مؤخرًا الخطة الوطنية 2023-2030 لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر والآلية الوطنية لإحالة ضحايا الاتجار بالبشر.
ويرى الدكتور الزبيدي أنه من الضروري أن تقوم جميع الجهات الفاعلة، الحكومية وغير الحكومية، بتنسيق جهودها لحماية ومساعدة الضحايا والناجين من الاتجار بالبشر وتنفيذ استراتيجيات الوقاية والتوعية والتثقيف التي أصبحت في وضع حد لهذا الانتهاك الجسيم. حقوق الانسان.
ويعد الدكتور علي الزبيدي ابن مدينة سلا حاصل على الدكتوراه في الدراسات الأمنية من جامعة الحسن الأول، والماجستير في الدراسات الدولية والدبلوماسية من جامعة محمد الخامس وهو مستشار أول للسياسات الاجتماعية والتدخلات في تهريب المهاجرين، والاتجار بالبشر، وأمن الحدود، والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والإصلاحات الأمنية، وحقوق الإنسان على المستوى الوطني والدولي.
هذا رابط الحوار كاملا باللغة الانجليزية