التعليم العمومي في مواجهة تحديات الإصلاح: بين التفكيك و التقوية .

التعليم العمومي في مواجهة تحديات الإصلاح: بين التفكيك و التقوية .

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع التربية و التعليم بالمغرب، تتعاظم التحديات المطروحة أمام المدرسة العمومية، سواء على مستوى الحكامة و التمويل، أو من حيث جودة التعليم و حقوق الفاعلين التربويين.

و قد جاء البلاغ الصادر عن المنظمة الديمقراطية للتعليم، العضو بالمنظمة الديمقراطية للشغل الذي توصلت به الجريدة، ليضع الأصبع على مكامن الخلل و يشخص واقع المنظومة في سياق النقاش العمومي حول إصلاح التعليم.

يشير بلاغ المنظمة إلى أن هناك توجهاً يهدف إلى تفكيك المدرسة العمومية من خلال سياسات الخوصصة و التعاقد، التي تهدد استقرار المنظومة التربوية و تكرس هشاشة الشغل داخل القطاع.

هذا وأضاف بلاغ م د ش أن أي إصلاح حقيقي يجب أن ينطلق من دعم المدرسة العمومية باعتبارها حقًا دستوريًا و مرفقًا عموميًا يخدم التلاميذ بمختلف الفئات الاجتماعية، لا أن يتم استهدافها بإجراءات تقشفية تمس جودة التكوين و التدريس.

كما ينتقد البلاغ استمرار هيمنة المقاربة المركزية في تدبير القطاع، مما يعيق استقلالية المؤسسات التعليمية في اتخاذ القرارات الملائمة لخصوصياتها الجهوية و المحلية. كما أن تأخر الحوار الاجتماعي و عدم إشراك الفاعلين التربويين و النقابيين في صياغة السياسات التعليمية يساهم في تعميق أزمة الثقة بين الإدارة والموظفين، و يجعل الإصلاحات المعلنة فاقدة للشرعية التشاركية.

كما يبرز البلاغ التداعيات السلبية لسياسات التعاقد و الهشاشة على الشغيلة التعليمية، خاصة في ظل غياب رؤية واضحة لتحسين أوضاع الأساتذة و الإداريين. كما أن تجميد الترقيات، و عدم معالجة الاختلالات في أنظمة الأجور و التعويضات، يزيد من إحباط الفاعلين التربويين ويؤثر على جودة الأداء داخل الفصول الدراسية.

ويؤكد البلاغ على ضرورة تبني مقاربة إصلاحية شمولية و تشاركية، تأخذ بعين الاعتبار:

احترام حقوق الشغيلة التعليمية و تمكينها من ظروف عمل لائقة.
تعزيز استقلالية القرار التربوي و إشراك النقابات في وضع السياسات التعليمية.
القطع مع المقاربة التسويقية التي تتعامل مع التعليم كسلعة، و إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية كفضاء للتنشئة الاجتماعية و العلمية.
تحقيق العدالة المجالية في توزيع الموارد البشرية و البنيات التحتية، لضمان تكافؤ الفرص بين الجهات.

إن المدرسة العمومية حسب بلاغ المنظمة ليست مجرد فضاء لنقل المعرفة، بل هي ركيزة من ركائز التنمية و العدالة الاجتماعية. و من هذا المنطلق، فإن إصلاحها يجب أن يكون مبنيًا على رؤية مندمجة تحمي المكتسبات، و تعزيز دور الفاعلين التربويين، و تعيد الثقة في دور المدرسة كمؤسسة مجتمعية قادرة على تكوين أجيال متشبعة بقيم المواطنة و المعرفة.

admin

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *