البرلمان لا يتدخل في القضاء

ذ. عبد الواحد بنسعيد*
قد يبدو العنوان واضحا ودعونا نقول انه شامل و دستوري لا غبار فيه الا ان الجواب عنه هو بمثابة سد منيع لكل ماقد يحوم عنه من “تشوهات” سياسية تضر بالوطن داخليا وخارجيا.
السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية و الملك هو الضامن لاستقلال السلط ومنها القضاء.
وبالعودة الى الدستور نجده ينص في الفصل 107على فصل السلطات بين البرلمان والسلطة القضائية، وتتم كافة العلاقات والتفاعلات بين السلطة القضائية والبرلمان في ظل الالتزام الصارم بالدستور والقانون، وبروح الاحترام المتبادل لاستقلال كل منهما.
ومعلوم أن اختصاصات البرلمان كسلطه تشريعية، مراقبة الأداء الحكومي وتقييم السياسات العمومية بما فيها مساءلة الحكومة واستجوابها عبر أدوات هي الأسئلة الشفوية و الأسئلة الشفوية الآنية ثم الأسئلة الكتابية (ويمكن تفصيلها في مقال لاحق).
وعليه فإن المهتم عموما يلمح تداخلا حينا و انسجاما حينا بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
لكن بخصوص السلطة القضائية نجد أن لها طبيعة خاصة واستثنائية، وهذا لا يعني بأن المشرع وضعها في معزل من السلط الأخرى وإنما جعل لها مكانا خاصا وفق قوانين خاصة (التدبير الإداري للمرفق القضائي مثلا)…….
وحتى يتبين هذا الفصل حقيقة ومن اجل ما سبق ومن اجل احترام للدستور رفض رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، التأشير على القيام بمهمة استطلاعية، بخصوص مايجري ويدور في وكالة محاربة الأمية، التي يوجد مقرها بحي أكدال بالرباط، كان قد تقدم بها فريق الأصالة والمعاصرة.
وبرر رئيس مجلس النواب رفضه بتشكيل المهمة الاستطلاعية، بأن القضاء يحقق في ملفات فساد سجلت في عهد المدير العام السابق للوكالة، وهو الأمر الذي يحول دون فتح تحقيق مواز، تزامنا مع التحقيق القضائي.
بل قد نجزم أن الطالبي العلمي إضافة إلى قرائته للدستور في تبرير رفضه يكون قد أشار ضمنيا إلى أهم المواثيق والإعلانات الدولية ، منها المبادئ الأساسية بشأن استقلالية القضاء التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقودة في ميلانو من 26 غشت إلى 6ديسمبر 1985 نصت على أنه: تكفل الدولة استقلالية السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد أو قوانينه ومن واجب جميع المؤسسات الحكومة وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية.
والحقيقة ان تبرير الطالبي العلمي وضع حدا لكل ماقد يروج ويخلط مفاهيم دستورية وجب احترامها دون إلتواء وبين متاهات السياسة و عمل البرلمان.
و في وقت سابق طالب نواب في لجنة العدل والتشريع بالبرلمان، رئيس اللجنة، باستدعاء رئيس النيابة العامة الحسن الداكي، لمناقشة تقريرها السنوي في مجلس النواب.
واعتبر النواب البرلمانيون حضور رئيس النيابة العامة مهما من أجل مناقشة التقرير، وإبداء ملاحظاته حول الأرقام والإحصائيات التي سجلها التقرير، والدور الذي تقوم به رئاسة النيابة العامة في القضاء.
وهو ما تم رفضه من طرف رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، معتبرا أن حضوره غير دستوري، لأن التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء وتقارير الوكيل العام لدى محكمة النقض، هي تقارير تهم الشأن القضائي.
جدير بالذكر أن البرلمان أنشأ إطاراً قانونياً يحدد معايير واضحة لتعيين القضاة، وقواعد واضحة وعادلة لإيقاف القضاة عن العمل أو فصلهم، فضلاً عن الأمن المناسب للوظيفة وضمانات استقلال القضاة. لا يجوز إيقاف القضاة عن العمل أو فصلهم إلا لأسباب عدم الكفاءة أو سوء السلوك المهني التي تجعلهم غير لائقين لممارسة وظائفهم.
*مدير النشر