مراكش: اعتقال أستاذ متورط في السمسرة في الدبلومات الجامعية

أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش، اول امس بإيداع أستاذ جامعي، سبق أن شغل مهمة التنسيق البيداغوجي لأحد برامج “الماستر”، بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر بأكادير، رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي الأوداية، على خلفية الاشتباه في تورطه ضمن شبكة متهمة بالتلاعب في التسجيل ببرامج “الماستر”، ومنح شهادات جامعية مقابل مبالغ مالية مشبوهة.
وأفادت الصباح التي أوردت التفاصيل، أن القرار جاء بعد إحالة الملف من قبل الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، الذي باشر التحقيقات الأولية عقب تقديم جميع المشتبه فيهم أمامه من قبل عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي تكفلت بفتح الملف الحساس، بناء على شكايات موثقة توصلت بها من هيأة حماية المال العام، إضافة إلى طلبة وأساتذة تم إقصاؤهم من التسجيل في سلكي “الماستر” والدكتوراه.
كما قرر قاضي التحقيق متابعة رئيس كتابة الضبط بابتدائية آسفي، في حالة سراح، مع سحب جواز سفره وإغلاق الحدود في وجهه، فيما تقررت متابعة زوجة الأستاذ الجامعي، وهي محامية بهيأة أكادير، وابن رئيس كتابة الضبط، الذي يزاول مهنة المحاماة متدربا، إلى جانب عدد من المحامين الآخرين، مع إخضاعهم لإجراءات المراقبة القضائية، في إطار الملف ذاته.
وتفجرت القضية بعد مراسلات متكررة من الهيأة الوطنية لحماية المال العام، كانت أبرزها الموجهة بتاريخ 22 شتنبر 2023، إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بأكادير، والتي تحدثت عما أسمته تكوين عصابة إجرامية لتزوير الشهادات الجامعية، مشيرة إلى وجود شبكة مكونة من أساتذة جامعيين وموظفين عموميين، تستغل مواقعها لتوزيع شهادات “الماستر” والدكتوراه بشكل غير قانوني، دون احترام الضوابط البيداغوجية أو المساطر الإدارية، المنصوص عليها في القوانين المنظمة للتعليم العالي.
ورغم زيارة لجنة تفتيش مركزية تابعة لوزارة التعليم العالي المؤسسة الجامعية المعنية، فإن تقريرها لم يتضمن أي إشارات واضحة تشير إلى تلك الاختلالات، ما أثار استغراب الهيأة التي طالبت بفتح تحقيق معمق وشامل، خصوصا مع وجود وثائق تفيد منح شهادات عليا بطرق غير قانونية.
وكشفت التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، عن تورط عدد من الموظفين الذين حصلوا على شهادات جامعية، خاصة “دبلومات الماستر”، بطريقة غير قانونية، واستغلوها للترقي في مناصبهم المهنية، أو للتسجيل في سلك الدكتوراه، بل ومنهم من استثمرها في تعزيز مكانته داخل المجتمع، من خلال استعمالها لأغراض دعائية.
كما استمعت وحدة معالجة المعلومات المالية بدورها إلى عدد من الأطراف، من بينهم أساتذة بجامعة ابن زهر، وعدد من رجال الأعمال والطلبة ومحامون وقضاة، بعد رصد تحويلات مالية مشبوهة، وفحص وثائق كشفت عن وجود خروقات جسيمة للقوانين المنظمة لنيل الشهادات الجامعية.
وبعد انتهاء الفرقة الوطنية للشرطة القضائية من تحقيقاتها المعمقة في الملف، أحيلت القضية رسميا على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش، في خطوة تمهد لانطلاق مسار قضائي من شأنه أن يكشف تفاصيل أوسع عن شبكة الاتجار بالشهادات الجامعية.
وتواصل هذه القضية إثارة جدل واسع في الأوساط الجامعية والقضائية بسوس، بعدما عرت عن اختلالات عميقة في منظومة التعليم العالي، وأعادت إلى الواجهة مطالب بتطهير هذا القطاع الحيوي من مظاهر الفساد، وترسيخ معايير الشفافية والاستحقاق داخل المؤسسات الجامعية، التي يفترض أن تبقى رمزا للنزاهة والمعرفة.