وقفة إعلاميي SNRT تكشف عمق الأزمة داخل الإعلام العمومي”.

نظم المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية لعاملي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، صباح اليوم، وقفة احتجاجية نوعية، عرفت حضورًا وازنًا من مختلف فئات العاملين داخل المؤسسة، الذين توحدت أصواتهم للمطالبة باسترجاع الكرامة المهنية و تحقيق مطالب مشروعة طال انتظارها.
الوقفة، التي حملت شعار “الكرامة قبل الوظيفة، و الاعتراف بالعطاء قبل الحساب”، لم تكن فقط تعبيرًا عن غضب آني، بل جاءت تتويجًا لمسار نضالي طويل قادته النقابة الأكثر تمثيلية داخل الشركة، و التي لم تجد بُدًّا من التصعيد أمام حالة الجمود الإداري و “الآذان الصماء” التي تواجه بها الإدارة العامة المطالب المتكررة للعاملين.
مطالب عادلة… وإدارة صامتة
في تصريح للموقع، قال الكاتب العام للنقابة، أمين الحميدي، إن هذه الوقفة تأتي استمرارًا للوقفة السابقة بتاريخ 20 ماي، و التي شكلت بدورها رسالة إنذار قوية لإدارة المؤسسة. وأضاف أن دوافع الاحتجاج اليوم تعود إلى تجاهل ممنهج من طرف الرئيس المدير العام، رغم سلسلة من المراسلات الرسمية والمهنية التي وجهت إليه.
الوقفة رفعت مطالب واضحة و ملحة، تتصدرها:
– فتح حوار قطاعي جدي و مسؤول، كما أوصت بذلك مذكرة رئيس الحكومة بتاريخ 09 ماي 2025.
– تنزيل الزيادة القطاعية داخل الشركة، وتسريع صرف الزيادة الناتجة عن الحوار الاجتماعي.
– صرف منحة الأخطار المهنية لفائدة الفئات المعنية.
– تنفيذ قرارات سابقة صادق عليها المجلس الإداري، من ضمنها إخراج مؤسسة الأعمال الاجتماعية، التقاعد التكميلي، و التأمين التكميلي إلى حيز التطبيق.
فجوة الأجور و تضليل داخلي
الكاتب العام استنكر ما وصفه بـ”النكسة المهنية”، عقب تسريب لوائح الأجور المصرح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و التي كشفت عن فوارق صادمة بين العاملين بالشركة الوطنية وزملائهم في قنوات عمومية أخرى كالقناة الثانية و”ميدي 1″، مما عمق من الإحساس بالإقصاء والتمييز داخل صفوف الإعلاميين.
و أشار الحميدي إلى أن ما يزيد الوضع تأزمًا هو لجوء الإدارة إلى تجاهل ممثلي النقابة الأكثر تمثيلية، مقابل إجراء مشاورات غير رسمية مع بعض التنسيقيات والمكاتب النقابية الأخرى، و تمرير معلومات غير دقيقة و مضللة للرأي العام الداخلي، مع غياب أي تواصل مؤسسي رسمي يُحمّل المسؤولية للإدارة، و يُشرك الأطراف الحقيقية في النقاش حول مستقبل الشركة، خصوصًا مع التحولات المرتقبة التي ستجعل منها شركة قابضة.
رمزية “المرايل الزرقاء “
واحدة من أقوى صور الوقفة، كانت ارتداء الإعلاميين الحاضرين لـ”المريول الأسود”، في رسالة رمزية ضد سياسات التكميم و التضييق، التي باتت تتهدد مهنة الصحافة داخل مؤسسة يُفترض أن تكون حاضنة للحرية و التعددية.
خطوات تصعيدية مرتقبة
في ختام الوقفة، أكد الحميدي أن المنظمة الديمقراطية لعاملي الشركة الوطنية لن تقف عند هذا الحد، ملوّحًا باتخاذ خطوات تصعيدية إذا لم تستجب الإدارة لمطالبها، من بينها مراسلة مؤسسات الرقابة الوطنية، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات، بل و قد يصل الأمر إلى إعلان الإضراب، الذي يخوّله قانون الإضراب الجديد للنقابة الأكثر تمثيلية فقط.
و قال الحميدي بنبرة حازمة: “لقد بلغ السيل الزبى، ولن نصمت أكثر على هذا التمييز و التهميش… نريد كرامتنا، و مكانتنا، و استحقاقنا المهني الكامل داخل مؤسسة وطنية نمثل فيها صوت الشعب و ضميره.”