العلاقات المغربية الإيرانية … تحول استراتيجي ومكاسب ديبلوماسية
العلاقات المغربية الإيرانية … تحول استراتيجي ومكاسب ديبلوماسي
د.أنوار قورية – مختص في الاعلام والسياسات الدولية.أنوار قورية – مختص في الاعلام والسياسات الدولية
تعرف العلاقات المغربية الإيرانية منذ تاريخ 11 مارس 2009 توترا متدبدبا وأزمة بدون ملامح أدت الى فتور وقطيعة ديبلوماسية بين الدولتين، وسرعان ما بدأت تتلاشى ملامح الصراع الذي خيّم على الجانبين، حيث تشهد العلاقات بين البلدين تحولا تدريجيا اعتبره اكاديميون تحولا ايجابيا فيما اعتبره خبراء في العلاقات الدولية مكسبا مهما في الساحة السياسية الإقليمية والدولية. هذا التغيير، الذي يأتي بعد قطيعة استمرت على خلفية دعم إيران لميليشيات البوليساريو، يعكس إدراكا متبادلا للحاجة إلى التعاون في مواجهة تحديات جديدة.
1 – إيران … موقف جديد يحترم سيادة المملكة المغربية الشريفة
وضوح الموقف الإيراني من التراجع عن دعم كيان البوليساريو يمثّل تطورا جوهريا في مسار العلاقات الثنائية بين الدولتين كما يعد خطوة مفصلية نحو بناء علاقة أكثر توازنا مع المملكة المغربية علاوة على تعزيزه – الموقف الايراني ـ السيادة المغربية على أقاليمها الجنوبية، ما يترجم رغبة طهران في تجاوز الأزمات السابقة التي أدت إلى توتر العلاقات الثنائية، ويبدو أن إيران التي تطمح إلى تحسين علاقاتها مع مختلف القوى الدولية، باتت تدرك أهمية احترام وحدة الدول وأمنها الإقليمي كشرط أساسي لتحسين صورتها الديبلوماسية على الصعيد الدولي.
2 – التحديات الإقليمية والدور المغربي
تبرز المملكة المغربية كلاعب استراتيجي أساسي في المنطقة، مستفيدة من خبراتها في المجالين الأمني والاستخباراتي، حيث أثبتت نجاحها في مواجهة التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية المعقدة، هذه الريادة الأمنية جعلت المملكة شريكا موثوقا على جميع المستويات والأصعدة وهو ما عزز مكانتها في تشكيل التحالفات و استباق المبادرات الديبلوماسية الخلاقة، ويتوقع خبراء دوليون أن تضيف عودة العلاقات بين البلدين، بعدا استراتيجيا للموقف المغربي، خاصة مع بقاء الجارة الجزائر في موقع معزول بسبب سياستها التي تبدو غير منسجمة مع التوجهات الجيوسياسية والدولية، كما يظهر ذلك من خلال التصريحات الغير المحسوبة للرئيس الجزائري والسياسة التي تنهجها بلاده لدعم عصابة البوليساريو منذ ما يزيد عن خمسين سنة، كل العناصر المذكورة تُظهر بأن الجمهورية الجزائرية طرف خارج عن دينامية حل النزاعات ما يضعها في موقف محرج أمام المنتظم الدولي.
3 – الجزائر: العزلة تزداد تعمقا
في وقت تتجه فيه المملكة المغربية نحو تعزيز تحالفاتها الدولية والإقليمية، بما في ذلك علاقاتها المتجددة مع إيران التي سيكسب من خلالها المغرب تأييدا صريحا لموقف إيران من أعداء الوحدة الترابية الوطنية، تواصل الجمهورية الجزائرية رهاناتها الخاسرة على دعم عصابتي البوليساريو وما تسميه مكتب اتصال جمهورية الريف، وهو ما يزيد من تعميق عزلتها وغيابها عن خارطة تسوية النزاعات الدولية بشكل يكشف للعالم فشلها في تقديم رؤية متوازنة لقضايا المنطقة، هذا النهج البليد يزيد من ضعف سياستها الخارجية، خصوصا مع الخطوات الإيجابية التي تتخذها المملكة المغربية لتوطيد علاقاتها مع مختلف القوى الدولية والإقليمية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، التي يبدو أنها تقترب من تعزيز تعاونها مع إيران بشكل كلي…
4 – التحالفات العسكرية وتغير المشهد الدولي
لا يمكن اليوم أن ننكر بأن دولة إيران تملك ترسانة عسكرية قوية، لكنها وبالرغم من ذلك تعمل جاهدة على إعادة تشكيل علاقاتها الدولية، بما في ذلك التقارب المحتمل مع الولايات المتحدة الأمريكية. هذا التقارب يمثل بلا شك مكسبا كبيراً لطهران خصوصا مع عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض وقيادة دفة السلم العالمي نحو بر الأمان، في نفس الوقت يعزز هذا التقارب الإيراني- الأمريكي موقف المملكة المغربية التي بات يُنظر إليها كشريك استراتيجي ووسيط في قضايا إقليمية ودولية.
5 – مكاسب ديبلوماسية مغربية وإحراج جزائري
إن عودة العلاقات الديبلوماسية بين المملكة المغربية ودولة إيران يعد انتصارا ديبلوماسيا ينضاف لقائمة الانتصارات والمكاسب التي راكمها المغرب في قضية وحدته الترابية، فبفضل القيادة الرشيدة للملك محمد السادس حفظه الله استطاعت المملكة المغربية أن تثبت تفوقها في إدارة علاقاتها الدولية بحكمة ومرونة، في المقابل، نجد الجارة الجزائر متموقعة في موقف دفاعي، معزولة عن التغيرات الدولية والإقليمية، بسبب سياساتها الأحادية التي لا تخدم مصالحها ولا مصالح دول المنطقة، عكس المملكة التي تؤكد في كل مناسبة أنها قوة استقرار إقليمية، قادرة على تجاوز التحديات وبناء شراكات استراتيجية تعزز من موقعها على الساحة الدولية.