هل من الممكن جعل سلا مدينة مستدامة ؟
ذ وحيد بنسعيد
السؤال يحتاج الى تحليل ثقافي اكثر منه تقني او بيئي ،مثلا هل نملك ثقافة المشي بدل ركوب السيارة او الطاكسي؟ الجواب لا الا لمضطرين لذلك.. وبالتالي يصعب لمن يضع برنامجا للتنمية المستدامة ان يتغافل على ثقافة الساكنة ونمط عيشهم وان يفكر فقط في البيئة ويكأن التنمية المستدامة شجر ونبات فقط..
المدينة المستدامة هي أولاً وقبل كل شيء مسألة سياق، إمكانات وحدود كل منها تحدد المنطقة أولاً احتياجاتها ثم أولوياتها. وبالتأكيد ، وراء الاحتياجات المفصلة حول مبادئ التنمية المستدامة وآفاق تحقيقها تتلاقى أيضًا مع الحاجة الى ثقافة مواطنة معينة.
أو لنقل ان المدينة المستدامة هي مفهوم تستهدفه العديد من السياسات والاستراتيجيات التي نسعى لمراعاة متطلبات التنمية المستدامة في مختلف المناطق ؛ مما يضع صانع القرار أمام الاختيارات لتحقيق التوازن بين حماية البيئة والعدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي.
منذ ميثاق الظهور الرسمي لمفهوم “المدينة المستدامة” في عام 1994 ، حدث تغيير لا يمكن إنكاره في المنظور في المبادئ التنمية الحضرية (استهلاك مسؤول ، اقتصاد محلي حيوي ومستدام ، كثافة معاد تصميمها ، وتنقل محسّن ، ) وما إلى ذلك مع الاهتمام المستمر بتكامل المكونات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية وحتى الثقافية للتنمية.
منذ ذلك الوقت و على الفور ، بدأ التغيير في الممارسات يحث اعلىلتركيز على رؤية طويلة الأمد مدعومة بنهج تشاركي و الحوار متعدد الأطراف الذي يجمع بين الدولة والجهات الفاعلة المحلية والقطاعين العام والخاص يزيح الادارة الكلاسيكية ويفسح المجال تدريجياً لمزيد من أنظمة التحكم والمراقبة مع ضرورة وجود كفاءة وذكاء (إدارة الشبكات ، النفايات ، إلخ).
وفي الواقع ، مجرد التخمين بمدينة سلا مدينة للتنمية المستدامة و في هذا السياق يجعل مجرد التمرين صعبًا ، خاصةً أنه لا توجد ارادة للفاعل السياسي محليا من المدينة المستدامة.
نعم كل سياسة حسب احتياجاتها وسياقها وأيضًا بناء على إرادتها ستعمل بطريقتها الخاصة لترجمة رؤيتها لمدينة مستدامة بمنطق معين ووفق بمعايير معينة ، وحيث تظهر احتياجات جديدة على أنها أساسية .
تفكيري اليوم بمدينة سلا والاهتمام بهذه الفكرة التي تحفز الأسئلة حول مفهوم المدينة المستدامة و حاجته لدعوة تحمل رسالة.
سوف أعتمد على دراسة اثنين أمثلة على المدن المستدامة ، اولا مشروع المدينة البيئية الصينية السنغافورية في تيانجين والمشروع المغربي مدينة زناتة البيئية: مثالان بسياقات مختلفة لها تأثير كبير يتناسب مع موضوع واحد أكثر من الآخر ، لدرجة تمييز أنفسهم من خلال السياق والتشكيل اللذان كونا صورة معينة.
مدينة تيانجين البيئية
هو مشروع التعاون الاستراتيجى بين الصين وسنغافورة بين الحكومتين. عروض بناء بيئة المدن والحكومات نيوزيلندا للتصدي لتغير المناخ العالمي، وتعزيز حماية البيئة، الحفاظ على الموارد والالتزام لتوفير الطاقة مناقشة إيجابية والتظاهر من نموذجية لتوفير الموارد وبناء مجتمع صديق للبيئة.
اعتماد الطاقة، وتعزيز القدرة على الابتكار العلمي والتكنولوجي، وتحسين الهيكل الصناعي، لتحقيق تداول فعالة من حيث التكلفة.
تعزيز أنماط الحياة خضراء وصحية وأنماط الاستهلاك، وتشكل تدريجيا ثقافة فريدة من نوعها الإيكولوجية؛ البنية التحتية وظيفية، وآلية إدارة نظم المعيشة الإيكولوجية السليمة؛ التركيز على وئام مع المنطقة المحيطة بها في البيئة الطبيعية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسة لتحقيق التنسيق والتكامل المنطقة.
وتشمل أهداف بناء مدينة تيانجين البيئية: بناء البيئة الايكولوجية جيدة، حيوية الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص العمل للابتكار، وتوفير وظائف جيدة مع السكان؛ تشجيع تشكيل الوئام الاجتماعي ومجتمعات شاملة، سكان المجتمع شعور قوي بالانتماء .
المدينة البيئية زناتة
طريقة جديدة للعيش وسط المدينة مدينة مستدامة ذات طابع مبتكر
لقد تم تصميم المدينة البيئية زناتة، بفضل طابعها المبتكر والمستدام، من أجل ضمان سبل الرفاهية وطيب العيش لساكنتها.
ووفق هذا التصور، تتطور المدينة في انسجام تام مع الطبيعة وتعيد ربط الصلة بالحياة داخل الأحياء كما تعمل على توفير وسائل التنقل بمواصفات معاصرة وحديثة.
و تعكس المدينة صورة خلابة لمظاهر التنوع الطبيعي حيث تنتشر الحدائق والمنتزهات في جميع أنحاء المدينة وتؤثث مجمل جنباتها. وعلاوة على رصيدها النباتي المتنوع، تنفتح المدينة البيئية زناتة على واجهة بحرية شاسعة.
ويشكل المنتزه، الذي يمتد على مساحة 5.5 كيلومتر، دعوة للاستمتاع بجو النزهة وممارسة الرياضات في الهواء الطلق. وتحيط بالمدينة كثبان رملية يتراوح ارتفاعها ما بين 8 إلى 12 متر تشكل حواجز طبيعية في وجه الأمواج التي تأتي من المحيط.
وبفضل كل هذه المقومات مجتمعة، يمنح هذا المشهد الطبيعي المتميز للمدينة البيئية زناتة كل المميزات الطبيعية الملائمة والكفيلة بتأمين حياة ذات جودة أفضل.
مدينة عصرية تنسجم والقيم التقليدية التي تميز المدن المغربية القديمة
وبفضل طابعها العصري الذي ينهل من القيم الانسانية، تعتز المدينة البيئية زناتة بتوفرها على عدة مراكز تنسجم والقيم التقليدية التي تميز المدن المغربية
تتوفر المدينة على جميع المرافق التي تعنى بالتعليم والصحة والتجارة والرياضة والترويح عن النفس. والملفت في هذا الصدد، أن المتاجر والخدمات وأماكن العمل تتواجد على مسافة قريبة من أماكن الإقامة.
مما يضفي على المدينة البيئية زناتة كل المقومات اللازمة لحياة اجتماعية يسودها التآلف الاجتماعي، الذي يعتبر أساس الحياة داخل الأحياء.
مدينة سهلة الولوج
ومن أجل تسهيل الولوج إليها وربطها بشكل محكم بوسائل المواصلات، تتخلل المدينة البيئية شبكة متكاملة من وسائل النقل العمومي وكذا المسارات المخصصة للراجلين والدراجات. ومن خلال هذا التصميم، يصبح التجول في المدينة ميسرا و يجمع بين السهولة والمتعة
تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي
تتمتع المدينة البيئية زناتة بموقع جغرافي استراتيجي، حيث تقع على مفترق الطرق بين أكبر مدينتين في المملكة: الرباط، العاصمة الإدارية، والدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية. علاوة على ذلك، فهي تتموقع كحلقة وصل تربط بين العديد من المحاور والبنى التحتية الطرقية والسكك الحديدية والخدمات اللوجستية والجوية الأساسية
ختاما أقول نعم المدن ، عموما تواجه مجموعة من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية العميقة: الركود أو التدهور الاقتصادي ، والبطالة ، والفصل الاجتماعي والفصل المكاني ، وشيخوخة السكان ، وإعادة تشكيل الأسرة ، والتغيرات في العمل وأنماط الحياة ، تطوير استخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات … وهاته الامور وغيرها يجب على الفاعل السياسي الذي يترشح عن طواعية واختيار أن يبحث عن اجوبة للرد على هذه التحديات الرئيسية.