وسط أجواء مشحونة.. إجلاء مئات الأوروبيين جوًا من النيجر
في ظل مخاوف من تدهور الأوضاع في النيجر عقب الانقلاب العسكري، أجلت فرنسا وإيطاليا مئات من رعاياهما ورعايا دول أخرى من الدولة الأفريقية، بينهم 40 ألمانيًا. ويعقد جيران النيجر اجتماعًا يناقشون فيه احتمال التدخل العسكري.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في بيان إن أكثر من 40 مواطنًا ألمانيًا أُجلوا من النيجر جوًا بمساعدة فرنسا، ومن المزمع تسيير مزيد من الرحلات الجوية اليوم الأربعاء 2 غشت 2023.
وحطت طائرتان في باريس وثالثة في روما اعتبارًا من مساء الثلاثاء تنقلان رعايا تمّ إجلاؤهم من النيجر في ظل الخشية من تدهور الأوضاع في أعقاب الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب ديمقراطيًا محمد بازوم، مع سعي فرنسا لإنجاز عمليات الإجلاء الأربعاء.
واستقبلت باريس طائرتين اعتبارًا من ليل الثلاثاء، وتأمل في أن تنجز الأربعاء إجلاء نحو 600 من رعاياها يرغبون في المغادرة، من أصل نحو 1200 يقيمون في النيجر. وأكدت هيئة أركان الجيوش الفرنسية لوكالة فرانس برس أن “طائرتين حطتا خلال الليل. الثانية قرابة الساعة الرابعة فجرًا (02,00 ت غ)”.
ونقلت الطائرة الأولى 262 شخصًا “بينهم 12 رضيعًا”، غالبيتهم من الفرنسيين إضافة إلى “بعض المواطنين الأوروبيين”، وآخرين من لبنانيين ونيجيريين وبرتغاليين وبلجيكيين وإثيوبيين، وفق ما أفادت الخارجية الفرنسية. أما الثانية “فوصلت عند الرابعة والنصف فجرا وعلى متنها 234 راكبًا”.
وخصصت باريس طائرتين أخريين للإجلاء. وهذه أول عملية إجلاء واسعة النطاق تقوم بها باريس في منطقة الساحل حيث تزايدت الانقلابات منذ عام 2020. من جهتها أعلنت إيطاليا وصول نحو مئة شخص إلى روما صباح الأربعاء بينهم إيطاليون، بعدما أجلتهم السلطات لأسباب أمنية. ووفق وكالة “أسنا”، كان 36 إيطاليا و21 أمريكيًا ضمن من تمّ إجلاؤهم. ويناهز عدد الإيطاليين في النيجر 500 شخص، غالبيتهم من العسكريين.
وكانت فرنسا قد عرضت أيضًا إجلاء أشخاص من دول أوروبية أخرى. ونصحت وزارة الخارجية الألمانية رعاياها في النيجر بقبول العرض. وكانت بيربوك وجهت الشكر إلى نظيرتها الفرنسية كاثرين كولونا على اعتزام الحكومة الفرنسية إجلاء مواطنين ألمان من النيجر، ونشرت الخارجية الألمانية بيانًا لبيربوك أمس الثلاثاء قالت فيه إن “الأولوية القصوى في هذه الساعة بالنسبة للحكومة الألمانية هي بالطبع أمن المواطنين الألمان في النيجر. كما حدث بالفعل في أزمات سابقة فإننا ننسق بشكل وثيق مع فرنسا وشركائنا الأوروبيين الآخرين”.
وأعلن المجلس العسكري في النيجر الليلة الماضية إعادة فتح حدود البلاد مع عدة دول مجاورة بعد أسبوع من انقلاب نددت به قوى أجنبية وأثار مخاوف من نشوب صراع أوسع في منطقة الساحل بغرب أفريقيا.
وفي ما يعكس قلق دول الجوار ومضيّها في احتمال التدخل عسكريًا، يعقد رؤساء أركان جيوش دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا اجتماعًا في أبوجا اعتبارًا من الأربعاء وحتى الجمعة. وتزامنا مع بدء الاجتماع، يتوقع أن يصل إلى النيجر الأربعاء وفد من المجموعة المعروفة اختصارًا باسم “إكواس”، يرأسه النيجيري عبد السلام أبو بكر، وفق مسؤولة في المجموعة ومسؤول عسكري في نيامي طلبًا عدم كشف اسميهما.
وكانت المجموعة التي يتولى الرئيس النيجيري بولا تينبو رئاستها حاليًا، قد أمهلت الانقلابيين أسبوعًا حتى الأحد لإعادة السلطة إلى بازوم الذي أطاحه انقلاب 26 تموز/يوليو. وفي ما بدا مؤشرًا على زيادة الضغط على هؤلاء، فرضت إكواس إجراءات اقتصادية ولم تستبعد اللجوء إلى القوة. وقال قائد الجيش النيجيري كريستوفر موسى في تصريحات إذاعية الإثنين: “نحن ندافع عن الديمقراطية ويجب على ذلك أن يستمر. نحن جاهزون وما إن نتلقى أمر التدخل، سنقوم بذلك”.
وشهدت النيجر مظاهرات اتسمت بالعنف لدعم الانقلاب العسكري الذي شهد إطاحة ضباط من وحدة النخبة التابعة للجنرال عبد الرحمن تياني بالرئيس محمد بازوم يوم الأربعاء الماضي. وأفادت تقارير بأن متظاهرين تجمهروا أمام السفارة الفرنسية، وتردد أنهم انتزعوا لوحة السفارة وداسوها بأقدامهم ووضعوا محلها علمي النيجر وروسيا. واتهم المجلس العسكري الجديد في النيجر فرنسا بالتخطيط للتدخل العسكري في البلاد.
وبعد وقت قصير من الانقلاب، أعلن تياني نفسه رئيسًا فعليًا للنيجر، وعلق العمل بالدستور وحل جميع المؤسسات الدستورية. ولا تعترف فرنسا بالحكام الجدد وتدعو إلى العودة إلى النظام الدستوري المحيط بالرئيس بازوم المنتخب ديمقراطيًا. يشار إلى أن فرنسا كان لديها ما بين 500 إلى 600 مواطن في النيجر، بالإضافة إلى جنود فرنسيين يتمركزون في البلاد.
ولدى فرنسا، المستعمر السابق للبلاد، نحو 2500 جندي يتمركزون في النيجر وفي تشاد المجاورة أيضًا. وكانت النيجر حتى وقت قريب واحدة من آخر شركائها المحليين في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. يشار أيضًا إلى أن النيجر هي محل اهتمام الاتحاد الأوروبي بسبب اليورانيوم، لكن المفوضية الأوروبية قالت اليوم الثلاثاء إن إمدادات اليورانيوم آمنة. وتعتبر النيجر موردًا مهمًا لبعض دول الاتحاد الأوروبي. وقال متحدث إنه توجد احتياطيات كافية في السوق العالمي لتغطية احتياجات التكتل على المدى المتوسط والطويل.