من أجل الإنصاف: الشيعة الإمامية ما لهم وما عليهم اليوم !

من أجل الإنصاف:   الشيعة الإمامية ما لهم وما عليهم اليوم !

ذ. بزا عبد النور

من أجل الإنصاف: الشيعة الإمامية ما لهم وما عليهم اليوم !
مع تنامي الإسناد الشيعي لقوى المقاومة الفلسطينية بغزة والضفة وغيرهما؛ وعلى إثر اغتيال العدو المحتل للسيد حسن نصر الله؛ أمين عام حزب الله، خرج ثلة من المتحدثين باسم ” أهل السنة” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بخطاب طائفي متطرف؛ خلاصته فيما يلي من نقط:
1- تسمية “حزب الله” بغير اسمه؛ (حزب اللات، والعزى ومنات) على حد ما نعته به؛ كل من عبد الله النهاري، ومحمد الفيزازي، ووجدي غنيم مثلا. مع التشنيع عليه بلغة متشنجة مشككة في نية قادته وأعضائه، وما أبانوا عنه من مواقف رجولية. منذ انطلاق طوفان الأقصا. وما قدموه من إسناد مقدر للجهاد الفلسطيني عموما، ولأهل غزة العزة خصوصا. وما بذلوه من تضحيات بطولية؛ وما خلدوه من إنجازات مبهرة؛ لا يمكن إنكارها أو التقليل من شأنها. وكل من أنكرها؛ فقد نادى على نفسه بمجانبة المنهج العلمي، وقواعد العدل وإنصاف المخالف.
2- إحياء ثارات الأموات من الفريقين، وما حدث بينهما من خلافات في موضوع آل البيت والصحابة والإمامة والقرآن، وغير ذلك مما شابت في بحثه الرؤوس، ولم تنضج في معالجته العقول لحد الساعة. وللعلم؛ فثلاثية آل البيت والصحابة والإمامة؛ ليس من السهل فصل النزاع فيها، أو تجاوزها بسهولة، وغض الطرف عما لدى الفريقين فيها من آراء وتأويلات ومواقف هي بحاجة إلى المراجعة النقدية العلمية المنصفة.
وأما القرآن؛ فهو محل إجماع، وليس للشيعة غير ما هو متداول بين جميع المسلمين، برواية حفص، وقد رأيته بأم عيني. وأمره محسوم بقوة الأمر الواقع. وما يقال عن قرآن فاطمة عليها السلام. فذاك موضوع آخر؛ لا علاقة له بكتاب الله المجمع عليه بين جميع المسلمين.
3- ما تورط فيه الحزب من دعم للنظام السوري، في جرائمه وانتهاكاته الجسيمة في حق الشعب عموما. وهو ما لا يمكن إنكاره ولا تسويغه تحت أي ذريعة؛ إذ لا رخصة في مظالم العباد مطلقا.
وهذا لا يعنى أن قادة الثورة السورية المسلحة؛ لا يتحملون أي مسؤولية فيما حل بهم وبعموم الناس من مآس، بل لهم نصيبهم من المسؤولية فيما حدث؛ استنادا إلى المرجعية الفقهية السنية أساسا.
فعلماء السنة كالمجمعين على حرمة الخروج المسلح على أي نظام سياسي متمكن، دون امتلاك شرط التمكن الكافي لتغييره بأفضل منه، وهو ما لم يأخذه الثوار في الحسبان على الرغم من تجربتهم السابقة في الخروج المسلح في ثمانينات القرن الماضي، على ذات النظام، وما حل بأهل مدينة حماة بأكملها من كوارث وضحايا بعشرات الآلاف، ومع ذلك لم يترددوا في تكرار ذات التجربة الفاشلة بأرواح الناس ومصالحهم، وليس لهم من القوة ما يحفظون به هيبتهم؛ فضلا عن تحقيق أهدافهم الثورية. فكانت النتيجة ما تكبدوه من خسائر لا مثيل لها؛ دينا ودماء وأعراضا وعقولا وأموالا، وحرية واستقرارا وأمنا وسلاما…إلخ
أفلا يحاسب دعاة الثورة دون تمكن عما تسببوا فيه من مفاسد، كما يحاسب أزلام النظام الدكتاتوري عما ارتكبوه من مقاتل في حق الشعب. بدل تحقيق مطالبه المشروعة في إطار السلمية والديمقراطية؟!! عملا بما يقتضيه واجب الإنصاف وإقامة العدل بين الجميع. وعند الله تجتمع الخصوم. فلا يظلم عنده أحد.” وما ربك بظلام للعبيد.”
4- إطلاق وصف الكفر على الشيعة عموما وأعضاء الحزب خصوصا، وهو ما صرح به محمد الفيزازي في أكثر من تسجيل له عبر وسائل الإعلام دون تحفظ وبلا ضوابط شرعية. ولو راجع ما قرره ابن تيمية؛ في مسألة “تكفير الشيعة”؛ لسكت ولم يعقب. وأكتفي في هذه النقطة بهذا القدر. وسأفردها بمقال مفصل في القريب العاجل بحول الله.
ويبقى الشيعة؛ كغيرهم من المسلمين؛ لهم ما لهم من آراء ومواقف مشرفة، وعليهم ما عليهم من أوزار وجرائم فادحة؛ بعيدا عن أي تحيز أو عصبية مذهبية مقيتة منتنة.
فهذا بعض ما تيسر من النظر المنصف فيما يتقوله البعض عن الشيعة؛ عسى أن يكون فيه ما يقرب ولا يباعد، وما يجمع ولا يفرق. وما يسدد ويقارب، جهد المقل.
خاتمة
وختاما؛ فمما لا شك فيه؛ أن الاختلاف السني الشيعي؛ لا يمكن تجاهله أو تجاوزه بجرة قلم، أو بقرار عاطفي متسرع؛ بل لا بد للمعنيين به أن يرتقوا إلى مقام العمل الجاد على تدبيره بعلم وعدل بما يخدم مصلحة الطرفين، بدء بالتوقف عن إثارة مواطن الخلاف وتضييق شقتها ما أمكن؛ وأكثر فأكثر، ومرورا بفتح قنوات التواصل والحوار الجدي بين حكماء علماء الفريقين، في جميع القضايا بعلم وعدل وأدب. مع الاستعداد الكامل للاعتراف بالخطأ، وإعلان التراجع عنه بكل شجاعة علمية متى تبين الصواب مع هذا الطرف أو ذاك، بعيدا عن التحيز المذهبي، والتعصب للرأي بغير دليل.
وللإنصاف؛ فالشيعة ليسوا سواء في معتقداتهم، فمنهم الغلاة، ومنهم دون ذلك. ولذلك؛ لا يلزم من الحكم على بعضهم بالكفر -لغلوهم الذي لا تأويل له إلا الكفر البواح- الحكم على غيرهم بمثله وهم برآء منه. إذ لا قياس بين المختلفين، ولا تفريق بين المتماثلين في ذات الحكم. فتكفير شخص بحق مثلا؛ لا يقتضي تكفير غيره من الأشخاص بغير حق. وفي هذا القدر كفاية بيان لمن تأمله وإنما الأعمال بالمقاصد. والسلام.

admin

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *