من صمت الإدارة إلى ضجيج الخصوم : كيف حوّل أعداء المغرب نضالات الشغيلة إلى منصة دعائية ضد الوطن

في مشهد عبثي يعكس خطورة الاستهتار بمطالب الشغيلة، تحول البلاغ النقابي الصادر عن المنظمة الديمقراطية للشغل، النقابة الأكثر تمثيلية داخل الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، إلى مادة دسمة في الإعلام المعادي، خصوصاً لدى الجار الشرقي، الذي سارع كعادته إلى استغلال أي شرخ داخلي لتحويره إلى وقود دعائي ضد المغرب.
منابر جزائرية معروفة بعدائها الثابت لوحدة المغرب، وصفت البلاغ النقابي بأنه “بداية تمرد داخل المؤسسات”، و “حراك إعلامي داخلي”، محاولة بذلك تضخيم المعطى المهني و تحويله إلى قصة سياسية مفبركة تخدم أجندتها العدائية.
المؤسف في كل هذا ليس ما قاله العدو، بل ما لم تقله الإدارة. فالرئيس المدير العام، فيصل العرايشي، اختار سياسة الصمت و اللامبالاة، رغم خطورة المرحلة، و فضّل تجاهل المطالب المشروعة للشغيلة و الإشارات المتكررة التي وجّهتها النقابة. و هو ما خلق فراغاً تواصلياً خطيراً، فتح الباب أمام التأويلات الخارجية، و أعطى الذريعة لأعداء الوطن لاستغلال واقع لم تُبذل أي محاولة لتصحيحه أو حتى توضيحه.
إن التعبير النقابي عن الأوضاع المهنية المتردية داخل مؤسسة عمومية ليس خيانة، بل حق دستوري، و مؤشر على أن الجسم المهني ما يزال حياً. أما الخطر الحقيقي، فهو ذاك الصمت الإداري الذي يقتل النقاش، و يغذي الشكوك، و يمنح العدو فرصة ذهبية للتشويش.
إن تعمّد الرئيس المدير العام، فيصل العرايشي،حسب النقابة تجاهل مطالب الشغيلة ورفضه فتح باب الحوار، الذي يضمنه القانون للنقابة الأكثر تمثيلية داخل المؤسسة، هو ما مهّد الطريق أمام أحد أبواق العدو الخارجي لاستغلال الوضع ونشر مغالطات خطيرة تمس صورة البلاد.
و في الوقت الذي يُفترض أن يُدار قطاع الإعلام العمومي بكثير من الحكمة و المسؤولية نظراً لحساسيته، اختار المسؤول الأول عن القطاع الصمت، و ترك فراغاً تواصلياً استثمره الإعلام المعادي لضرب مصداقية المؤسسة الوطنية و تشويه المطالب الاجتماعية المشروعة.
حان الوقت لتصحيح المسار، عبر فتح حوار فعلي و مسؤول مع الجسم المهني، و الاعتراف بأن الصمت في لحظات التوتر لا يُحسب حياداً، بل يُحسب تخلياً. و لن نسمح بأن يُصبح غياب الرؤية مدخلاً للتشويش الخارجي، أو أن تُختزل أصواتنا في نشرات خصوم الوطن.